كان يبدو ان الطريق طويلا غريبا لامراة في اواخر الثلاثينات محتشمة في ثوب اسود ، وإن دل اللون على شئ فإنه يدل على القلق، وعدم الاستقرار النفسي والحزن العميق. إنها إمراة نحت الحزن والألم منحوتاته على وجهها، وقد افنن في ذلك كنحات خبير لدرجة ان قسمات وجهها وتعابيرها تبدو كإمراة في الخمسينات، فأي سر يثقل قلب هذه المراة، وأي مأساة جلبت لها هذه الاحزان؟
إنها إمراة عاشت قصة الحب الممنوع....
بهذه الكلمات القليلة البسيطة والعميق في الحزن جاءت القصة القصيرة في الرواية بعنوان " الحب الممنوع " للكاتبة الجنوب سودانية اوين اني مجاك التي استضافتها نادي قلعة القراءة بمركز سينياس هوب الثقافي في تونقفينج مساء امس الاول.
وخلال الونسة المسائية مع جمهور ومتابعي برامج المركز الاسبوعية تناولت الكاتبة اوين كيف نمت موهبتها في مجال الكتابة الادبية، وافكارها الابداعية وشاركت تجربتها بصفة خاصة في هذه القصة.
وقالت اوين ان القصة شيقة تتحدث عن تعارض العادات والتقاليد والاجحاف في حق المراة، ورفضت الكشف الكامل عن محتوى القصة داعيا الجمهور الي امتلاك النسخ، والقراءة ومعرفة ما في داخل الكتاب.
ولكن بالاطلاع عليه وجدت الرواية القصيرة تتناول قصة عن واقع الحياة اليومية في المجتمع الجنوب سوداني ، وتبرز بوضوح معاناة المراة وحرمانها من حق اختيار شريك الحياة بحكم العادات والتقاليد والقيود الاجتماعية التي تظل معها إلى الابد حتى وفاتها، اذ تظل الحب متقد في داخلها حيث تعيش جسدا مع زوجها وقلبها معلق مع رجل اخر يحبها، ولكن تلك القيود هي التي تحكمها ( الحب الممنوع)
وجاءت تساؤلات العالقة في اذهان القراء الذين شاركوا في هذه الونسة المسائية الثقافية مع الكاتبة اوين اني مجاك في مقر مركز سينياس هوب الثقافي عن تجربتها والرواية القصيرة عن " الحب الممنوع " ، وكان التساؤل هل هناك حب مسموح به واخر ممنوع؟
ودلف الجميع الي المناقشات الممتعة حول قصص الحب واختلاطها مع ممارسة الجنس او الايحاءات الجنسية المثيرة وخاصة ان الجزئية الاخيرة في الكتابة الادبية عن قصص الحب لا يتم التطرق اليها كثيرا لدي الكتاب.
وجاءت اجابة الكتابة اوين عن هذا السؤال بان الاجابة عن هذا السؤال ( الحب الممنوع ) في اخر القصة ، ولكنها اشارت الي انها من الجيل القديم الذي كان الحب عندهم دون التفكير في ممارسة الجنس اولا مع من يحب ، وذكرت انها تكتب عن الحب بمفهوم جيلها اما التطرق الي جزئية ممارسة الجنس يتم تناولها بطريقة تقليدية دون الخدش بالحياء العام وليس بالطريقة الحديثة لهذا الجيل الذي ارتبط الحب عندهم بممارسة الجنس باسم الحب.
وفي سؤال من كريستنيا يعقون عن هل الكتابة موهبة ام مكتسبة بالقراءة ؟ قالت مجاك في هذا ان الكتابة موهبة ويتم صقلها بالقراءة واكتساب المهارات الابداعية ، وفيما يتعلق بالعادات والتقاليد والقيود الاجتماعية وتاثيرها في كتابة القصة ، اكدت اني ان لها تاثير واضح مثل قصص الحب والزواج القسري وعدم منح المراة حق اختيار شريك حياتها ، او قد يفرض على الاثنين الزواج او احدهما على الاخر دون الرضا بين الطرفين، ولكن يستجيبون الي رغبة الاسرتين ، ولكن الاكثر ايلاما هو ان الضرر الاكبر يقع على المراة من خلال العنف الاجتماعي بجانب المشكلات الاخرى المسكوت عنها في المجتمع مثل الضرب والاغتصاب وغيرها من اشكال العنف ضد المراة
وقالت اوين اني ان الكتابة تتطور بالاستمرار بالقراءة والكتابة الراتبة مثل التحدث الذي يطور مهارات الخطابة لدي الشخص، واكدت ان الكتابة باستمرار يطور ملكة الكتابة ايضا ، وأضافت انها بدات تكتب وعمرها 9 سنوات ، وعندما لجات الي الولايات المتحدة الامريكية مع اسرتها توقفت فترة عن الكتابة باللغة العربية ولكنها كانت تكتب هناك باللغة الإنجليزية في مواضع اخرى مثل الشعر وبعض القصص الاجتماعية القصيرة والموضوعات السياسية ، وعادت الان لتكتب مرة اخرى بالعربية، وفي الفترة التي توقفت فيها عن الكتبة اثرت في تناولها بعض القضايا بالعربية، ودعت من لديها الموهبة والرغبة عدم التوقف.
وفي تساؤل من الاستاذ/ مبيور شريلو فكرة والمغذى من اختيار العنوان بالحب الممنوع هل القصد منه إثارة القارئ لاقتتاء الكتاب ام هناك حسب مسموح واخر ممنوع؟
واستدرك مبيور ان المعروف في عادات وتقاليد شعب جنوب السودان ان الحب الممنوع حب الأقرباء والقريبات خاصة الحب المصحوب بممارسة الجنس اما الحب الأخوي والحب الإلهي كما في قول المسيح " هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد " انه حب مسموح به.
وعلى كل حال اشاد شريلو بظهور كتابة روائية جديدة في الساحة الادبية لتنضم الي رفيقتها الاستاذة الاديبة استيلا قيتانو التي تكتب باللغة العربية وتم ترجمة رواياتها الي اللغات الأجنبية، وهذه إضافة المكتبة الثقافية لجنوب السودان، وأكد دعمهم والوقوف مع هذه الوجوه الجديدة في الساحة وأن تكون دافعا لاخريات قادمات في الطريق الي عالم الثقافة والادب.
وكانت الكاتبة اوين تحدثت عن الام المطلقة ومعاناتها في جنوب السودان وقارنتها بآلام المطلقة في دول المهجر والتي اثبتت وجودها بتربية أطفالها دون رجل بالعكس يتم استغلالها من الرجال الآخرين ولكنها تظل صامدة وقوية وتواصل تربية أبنائها. الا الاستاذ شريلو ان العادات والتقاليد عند قبائل جنوب السودان تختلف عن القوانين في تلك الدول والتي تعطي المراة كافة الحريات وأولها حق اخذ صديق( عشيق ) وقد يصل الي حق طلب الطلاق من الرجل والاحتفاظ بالمنزل والأطفال، ولكن في جنوب السودان قد يطول الفصل في طلب الطلاق وقد لا يتم واللجوء الي الجودية بين الاسرتين وربما ينتهي بعودة الي بيت الزوجية والاستمرار في الحياة مع زوجها واطفالها والتنازل عن حقوقها وتحمل معاناتها لأجل الأسرة والأطفال.
وقال مبيور ان العالم الان مع التطور الرقمي يعيش في صراع للثقافات ويتم التفكير حاليا في عصر الفضاءات المفتوحة ان العالم مع ارتباط بعضه بالبعض يتم التفكير بعمق ان يكون هناك قانون إنساني واحدة او ثقافة موحدة تجمع كل البشر لتجنب هذا الصراع الثقافي.
وذكرت اوين انها بدات القراءة والإطلاع على الثقافات المختلفة منذ كان عمرها ٩ سنوات حيث اطلعت على القصص البوليسية والرومانسية وفي ذلك السن المبكر استطاعت ان يتولد لديها الموهبة والخيال الادبي والتي صقلها بالقراءة المستمرة.
وأما روايتها عن " الحب الممنوع " فهي خيالية رغم أنها ممزوج بواقع الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد ، ولكن لديها رواية اخرى في الطريق للطبع باسم " المعذبون والقطار " فهي قصة حقيقية مستمدة من حياة احد اقربائها تقابلا في محطة القطار ووقعا في حب بعضهما وتزوجا فيما بعد، وكتبت عن هذه القصة الإجتماعية، واكدت انها " اوين " تميل دائما الي الكتابة الخيالية ما عدا الأشعار والقصائد والخواطر الادبية تكون عن مواقف وتجارب حقيقية من واقع الحياة اليومية.
انا فيما يتعلق بالاسماء والأماكن والعناصر المكونة للقصة في روايتها عن قصة " الحب الممنوع "، ذكرت اوين انها من اسرة مسيحية واختير لها اسم " روز " ولكنها عندما كبرت وعرفت ان هذا الاسم من الأسماء الأجنبية جاء بها المستعمر وتريد طمس الهوية الإجتماعية والثقافية لشعب وقبائل جنوب السودان رفضت التعامل بهذا الاسم وعادت اسمها الأصلي " اوين".
وفيما ورد من الأسماء الأجنبية في الرواية عن الحب الممنوع قالت مجاك انها اسقاطات الثقافة الأجنبية التي درس فيها بالإضافة الي انها نزحت مع اسرتها الي الخرطوم ثم الي مصر وليبيا واليمن واستقر بها المقام في الولايات المتحدة الأمريكية ولا تعرف شئيا عن الأماكن والعادات والتقاليد الإجتماعية في جنوب السودان وانعكس ذلك في القصة والتي كتبها وهي صغيرة السن ولكن في الرواية المقبلة ستظهر الأسماء والاماكن وملامح وعادات مجتمعات جنوب السودان، وذكرت انها بدات زيارات دورية شبه سنوية الي البلاد حتى مسقط راس افراد اسرتها في أويل بولاية شمال بحر الغزال
وتحدثت اوين عن الكتابة النسوية ومناهضة الهيمنة الذكورة في اجابة لسؤال الصحفي مايكل كريستوفر صاحب صحيفة الوطن الناطق باللغة العربية قالت " مجاك " انها تتناول القضايا العامة في المجتمع او السياسة ونشاطاتها بارزة وقد شاركت في الحملات الانتخابية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكثيرا ما تكتب بالإنجليزية نسبة لطبيعة وضع المنطقة التي تسكن فيها حاليا، ولكنها لا تريد التركيز على مناهضة الذكورة كما جاء في السؤال لان بذلك سنتابع ماذا قال الرجل وماذا فعل؟ وتضييع انجازات المراة في هذا الخضم، واشارت "اني مجاك" إن هدفها على تمكين وتفعيل المراة حتى تساهم في المجتمع وتلقائيا سبقلل الهيمنة الذكورية
وفي الونسة المسائية مع الكاتبة اوين اني مجاك التي جاءت تلقائية نسبة لارتباط الكاتبة بمواضيع اخرى واستعدادها للسفر شكر القائمون على تنظيم نشاطات مركز سينياس هاب الحضور والمشاركين في إنجاح الأمسية ، ووقعت الكاتبة على النسخ من الرواية( الحب الممنوع )
وتعلن المركز ونادي قلعة القراءة ان هناك نسخ متوفرة للبيع بأسعار مناسبة
Kommentare