top of page

مركز سينياس هاب الثقافي يدشّن مشروع السلسلة الفكرية الحوارية حول مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية

لمحة حول المشروع: مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية


يشكّل مشروع "مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية" استجابة فكرية وتثقيفية عميقة لواقع يتسم بالتعقيد والتأزم في جمهورية جنوب السودان. إذ تمر البلاد بمرحلة دقيقة من تاريخها تتجلى فيها أعراض الضبابية الفكرية، وتفكك البنية الاجتماعية، والتآكل التدريجي للوعي الجماهيري، إلى جانب تراجع الارتباط العضوي بين القواعد الشعبية والقضايا الوطنية الكبرى.لقد أسهمت هذه العوامل في خلق فراغ فكري خطير، فتح المجال أمام نزعات الانقسام، وهيمنة الوعي الطائفي والقبلي، وانكماش آفاق العمل الجماعي نحو التغيير. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة الماسّة إلى مشروع فكري شامل يعيد الاعتبار لمفهوم "الثورة الوطنية الديمقراطية"، ليس كمصطلح نظري جامد، بل كإطار تحليلي وعملي لفهم الواقع والعمل على تغييره. إن هذا المفهوم، المستمد من تجارب الشعوب في تحررها وبناء دولها، يُقدَّم هنا كأداة تاريخية واستراتيجية لبناء دولة وطنية ديمقراطية تُعلي من شأن المواطن المنتج، وتستند إلى العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، والسيادة الوطنية.


ينطلق هذا المشروع من إدراك عميق بأن التغيير لا يتحقق بالخطابات الشعاراتية فقط، بل بالحوار النقدي، والتنظيم المعرفي، وتكوين وعي جمعي مؤسس على التحليل والسياق. لذلك، فإن المشروع يسعى إلى فتح فضاءات جديدة للنقاش الجاد والمنهجي، من خلال سلسلة حوارات فكرية تُسلّط الضوء على مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية، وتتناول تطبيقاته المختلفة في مجالات التعليم، الزراعة، الثقافة، الاقتصاد، السياسة، والمجتمع. كما يهدف المشروع إلى إعادة صياغة الأسئلة المصيرية التي غابت عن الأجندة الوطنية: من أين نبدأ؟ كيف نبني دولة تستجيب لتطلعات شعبها؟ ما هو دور كل فئة مجتمعية – من الطلاب والمثقفين، إلى النساء والنقابات – في إنجاز هذا المشروع الثوري؟ بذلك، لا يمثل هذا المشروع مجرد مبادرة ثقافية، بل يشكل رافعة فكرية للتأسيس لمرحلة جديدة من العمل الوطني، تستند إلى الوعي والتنظيم والتفكير الجماعي، وتسعى إلى بناء مستقبل بديل يتجاوز أزمات الماضي والحاضر، ويضع أسسًا جديدة للدولة والمجتمع في جنوب السودان.

ree

ندوة فكرية الاولي  بعنوان :مسألة الأرض

نظم مركز سينياس هاب الثقافي في تونقفينج  جوبا ناباري، يوم الجمعة الماضي الموافق 12 سبتمبر 2025، ندوة فكرية حوارية حملت عنوان "مسألة الأرض من وجهة نظر ماركسية"، وذلك ضمن سلسلة فعاليات مشروع مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية، الذي يهدف إلى إشاعة الوعي السياسي وتعزيز الحوار المجتمعي حول قضايا التحرر والتنمية. قدم الندوة المفكر والأكاديمي البارز البروفيسور بيتر أدوك نيابا، الذي عرض ورقة تناولت مسألة الأرض كقضية محورية في سياق النضال الطبقي، مستندًا إلى المنظور الماركسي في تحليل الواقع الجنوبي السوداني، ومرتكزًا على الدستور الانتقالي وقانون الأراضي لعام 2009. أدار النقاش الأستاذ ألير داو، وهو ناشط شاب في قضايا الفكر والسياسة، حيث انطلقت الندوة عند الساعة الثالثة عصرًا واستمرت حتى السادسة مساءً، وسط حضور نوعي من المفكرين والمهتمين بالشأن العام. وشهدت الجلسة تفاعلاً لافتًا من الحضور الذين أغنوا النقاش بمداخلاتهم وأسئلتهم، وكان من أبرز المتداخلين الدكتور أركانجلو ماديتسو الذي قدّم تعقيبًا عميقًا على الورقة، مدعومًا بأمثلة توضيحية نالت استحسان المشاركين.

ree

 

الأرض كأداة صراع طبقي:-

 في ورقته، تناول البروفيسور نيابا المسألة من منظور ماركسي، مؤكدًا أن الأرض ليست مجرد مورد اقتصادي، بل هي وسيلة من وسائل الإنتاج وساحة جوهرية للصراع الطبقي. وشدد على أن الحل الحقيقي لمسألة الأرض لا يمكن أن يتم إلا عبر الطبقة التي لا تقوم علاقاتها الإنتاجية على الاستغلال، في إشارة إلى البروليتاريا، التي يجب أن تتولى زمام الأمور لضمان عدالة الانتفاع بالأرض. كما أشار إلى أن الدستور الانتقالي لجنوب السودان، في المادة 170، ينص على أن الأرض مملوكة لشعب جنوب السودان وتدار من قبل الدولة بما يحقق المصلحة العامة، إلا أن هذا النص – حسب قوله – تم تحريفه لصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة التي أعادت تعريف "المجتمع" بمفاهيم إثنية وعرقية تخدم مصالحها الطبقية الضيقة.

 

من التاريخ الاستعماري إلى أزمة الحاضر:-

 استعرض البروفيسور نيابا تاريخ تجريد المجتمعات الأفريقية من أراضيها منذ الحقبة الاستعمارية، حيث بدأت عملية تحويل السكان الأصليين إلى بروليتاريا عبر نزع الأراضي الخصبة واحتكارها من قبل المستعمرين، ثم لاحقًا عبر أدوات قانونية تعيق استعادة هذه الأراضي. وذكر أن قانون الأراضي لعام 2009 في جنوب السودان يتضمن حقوق الملكية والعرف والاستغلال العادل، لكنه – بحسب تحليله – ظل بعيدًا عن التنفيذ الفعلي بسبب هيمنة القوى الطبقية ذات المصالح.

ree

 

الثورة الوطنية الديمقراطية: رؤية انطلاق جديدة:-

 وأكد القائمون على مركز سينياس هاب أن هذه الندوة تمثل الانطلاقة الحقيقية لمشروع الثورة الوطنية الديمقراطية، الذي يسعى لتأسيس رؤية فكرية ومجتمعية للنهوض الوطني، من خلال منابر فكرية تطرح الأسئلة الجوهرية وتستفز السائد السياسي. وقال أحد مسؤولي المركز إن المشروع لا يهدف فقط إلى التثقيف النظري، بل إلى تفعيل الوعي الجماهيري وجعل الفكر أداة للتغيير الاجتماعي والسياسي.

ree

 

خلاصة الندوة: الفكر كمدخل للتحول:-

 خرجت الندوة بجملة من النقاشات والتوصيات التي أكدت أهمية إعادة التفكير في قضية الأرض بمنظور نقدي، وربطها بالسياق الأوسع للنضال من أجل العدالة الاجتماعية والتحرر الوطني. وفي ختام الندوة، أجمع الحضور على أن التعامل مع مسألة الأرض يتطلب قراءة طبقية دقيقة، وفهمًا موضوعيًا لمفاهيم مثل "المجتمع"، "الملكية"، و"المنفعة العامة"، بعيدًا عن التوظيف السياسي والإثني الضيق. يُذكر أن مركز سينياس هاب الثقافي يعتزم تنظيم مزيد من الندوات خلال الأسابيع المقبلة، في إطار المشروع الفكري الذي أطلقه لتعزيز ثقافة الحوار ومشاركة المواطنين في قضايا بناء الدولة.

 

 

 
 
 

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page